ولأن أجازته ستطول قليلا، لذا كان من الضروري عليه أن يتخذ كل التدابير الممكنة حتى لا يترك مكانه "خاليا".. ومن ثم فقد وضع خطته حتى لا يفوت شهرا من عمره دون عمل.. فمعركته الدائرة مع بني آدم جادة وليست هزلية
فالشيطان الذي يطاردنا ويلاحقنا بوسوسته في كل وقت وفي كل مكان، حتى في أثناء الصلاة ليس من المنطقي أن يتركنا هكذا لحالنا طوال شهر كامل ربما يكون كفيل بهدم كل ما بناه من قبل
وعلى هذه القاعدة فقد اختار الشيطان جنوده ومندوبوه ونوابه جيدا ليقوموا بعمله أثناء غيابه من خلال خطة محكمة هدفها الرئيسي هو إفساد شهر رمضان على المسلمين وتضييع الحسنات من بين أيديهم بشتى الوسائل الممكنة بداية من المسلسلات والبرامج التلفزيونية ومرورا بالسهرات الرمضانية
.. فيما مضى كان التلفزيون المصري يقدم مسلسلات هادفة نوعا يمكنك أن تتغاضى عن بعض ما بها وتصفها بالاعتدال، قبل إن تغزو الشاشة الرمضانية - ومنذ سنين - مسلسلات غريبة الأطوار لا تقدم أي فائدة مرجوة، حتى
أضحى رمضان كله مسلسلات × مسلسلات وكأن هذا هو الهدف الأسمى من هذا الشهر الفضيل.
رجل أعمال فاسد ، وحارة شعبية، وقضايا مخدرات، ولقطات من حياة أسرة ثرية لا تمت للواقع بصلة .. هذه أبرز القضايا التي تعالجها مسلسلات رمضان في كل عام دون كلل أو ملل، والسادة في ماسبيرو يبذلون جهودا مضنية لزحزحة هذه الفقرة أو تلك حتى يمكن "حشر" مسلسل لممثلة ربما
تعدت الستين من عمرها لكنها تقوم بدور مراهقة تبحث عن زوج!!
30 يوم وربما 29 يمكنك أن تشاهد خلالها ما يكفيك من حلقات تلفزيونية لمدة قرن من الزمان!
لقد أعطى الله سبحانه وتعالى هذه الأمة أفضالا في رمضان لم يعطها لأمة من قبل، ومن أعظم هذه الفضائل أن تُصفّد الشياطين طوال الشهر الكريم، ليكشف المسلم نفسه بنفسه.. فإذا كانت الشياطين تُسلسل فمن أين يأتي
المرتشون والفاسدون وسليطوا اللسان وتاركوا الصلاة في نهار
رمضان.. لقد أعطانا الله هذا الفضل لنعرف عيوب أنفسنا بأنفسنا ونعالجها فالمرحلة الأولى دوما من العلاج هي تشخيص الداء .. فمرتكب
الذنوب في نهار رمضان عليه أن يدرك أن نفسه أقوى عليه من الشيطان لأنه لا شيطان هناك ولمدة شهر!المشكلة أننا لم ندرك بعد أن شهر رمضان سريع الانفلات وأن الواجبات فيه أكثر من الأوقات بكثير، فإذا كانت الحسنة بعشر أمثالها في ما سوى رمضان فهي في رمضان بسبعين والله يضاعف لمن يشاء، ومن منا لا يحتاج لجبال من الحسنات في مواجهة سيئاته ، فلماذا نتكاسل عن
أفعال الخير والطاعات ونظل قابعين أمام مسلسلات وبرامج التلفزيون التافهة التي لن تجدي نفعا؟